تحذير أممي من تفاقم معاناة المهاجرين في ليبيا وسط تصاعد النزوح من السودان
تحذير أممي من تفاقم معاناة المهاجرين في ليبيا وسط تصاعد النزوح من السودان
حذّرت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، من تفاقم معاناة المهاجرين في ليبيا، واصفة أوضاعهم بأنها من "أصعب التحديات" التي تواجهها المنطقة، في ظل التدفق المتزايد للاجئين الفارين من الحرب في السودان.
وقالت بوب في مقابلة نشرتها وكالة فرانس برس، الجمعة، خلال زيارتها الرباط، إن المنظمة تتلقى بشكل منتظم شهادات صادمة من مهاجرين تعرّضوا للاختطاف أو الاحتجاز مقابل فدية، إضافة إلى حالات عنف واعتداء جسدي ونفسي، وأشارت إلى أن المهاجرين في ليبيا يعيشون "حالة ضعف بالغة الخطورة"، تجعلهم عرضة للاستغلال والانتهاكات.
طريق الموت إلى أوروبا
أوضحت المديرة العامة لمنظمة الهجرة أن الطريق نحو أوروبا عبر ليبيا يعد الأخطر بين جميع مسارات الهجرة التي تتعامل معها المنظمة الدولية، مشيرة إلى أن آلاف المهاجرين يواجهون ظروفاً إنسانية قاسية، في ظل انعدام الأمن وانتشار شبكات التهريب.
ووفق تقديرات السلطات الليبية، فإن ما بين ثلاثة وأربعة ملايين شخص دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، وقد استفاد المهرّبون وتجار البشر من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، لتوسيع نشاطهم وبناء شبكات تهريب أكثر تعقيداً.
وأضافت بوب أن أغلب الوفيات المسجلة بين المهاجرين تعود لأشخاص انطلقوا من السواحل الليبية وغرقوا في البحر الأبيض المتوسط، مشيرة إلى حوادث مأساوية متكررة خلفت العديد من الضحايا.
تزايد موجات الهجرة
وصفَت المسؤولة الأممية الوضع في ليبيا والمنطقة بأنه "معقد"، لافتة إلى تزايد أعداد المهاجرين القادمين من آسيا ودول الخليج عبر طرق برية، سعياً للوصول إلى أوروبا عن طريق البحر.
كما أشارت إلى ارتفاع أعداد الوافدين من الصومال وإريتريا والسودان، الذي يشهد حرباً منذ منتصف أبريل 2023. وبحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أكثر من 357 ألف لاجئ سوداني وصلوا إلى ليبيا منذ اندلاع النزاع، لينضموا إلى مئات الآلاف من المهاجرين الذين سبقوهم.
وأوضحت بوب أن النزاع في السودان لا يزال يتسبب في نزوح جماعي، محذّرة من تفاقم الأزمة الإنسانية مع تراجع الدعم الدولي والتمويل المخصص للدول المجاورة مثل تشاد ومصر، التي تواجه ضغوطاً متزايدة على مواردها.
وأكدت أن بعض اللاجئين السودانيين في مصر وتونس يفكرون بالعودة إلى بلادهم، خاصة إلى الخرطوم بعد تحسن نسبي في الوضع الأمني هناك، إلا أن العودة إلى إقليم دارفور تبقى مستحيلة بسبب استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
أوضاع متوترة في تونس
في تونس، التي تشكل بدورها ممراً رئيسياً نحو أوروبا، لفتت بوب إلى توتر الأوضاع في منطقة صفاقس، حيث تتكدس أعداد كبيرة من المهاجرين في مخيمات مؤقتة، تفوق قدرة السلطات والمنظمات الإنسانية على تقديم المساعدة.
وأكدت أن كثيراً من المهاجرين الذين يصلون إلى صفاقس استنفدوا مواردهم المالية بالكامل، ما يجعل دعم المنظمة الدولية للهجرة في العودة الطوعية أمراً حيوياً.
اختتمت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة تصريحها بالتأكيد على أن الوضع العالمي الراهن لا يسمح بالاستجابة الكاملة لضغوط الهجرة المتصاعدة، خاصة في دول العبور بشمال إفريقيا التي تعاني من ضعف الموارد والإمكانيات.
ودعت بوب إلى تبنّي حلول أكثر شمولاً قائمة على التعاون بين دول الجنوب والتنمية المستدامة، إلى جانب تعزيز قنوات الهجرة القانونية والآمنة التي تضمن كرامة الإنسان وحقوقه.
تُعد ليبيا إحدى النقاط الأكثر خطورة على خريطة الهجرة نحو أوروبا، حيث تتشابك فيها عوامل الفوضى الأمنية مع نشاط شبكات الاتجار بالبشر، ومنذ عام 2011، تحولت البلاد إلى مركز رئيسي لتجمع المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء وآسيا، الراغبين في عبور البحر الأبيض المتوسط نحو السواحل الأوروبية.
ورغم الجهود الدولية للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية، لا تزال ليبيا تواجه تحديات إنسانية جسيمة بسبب ضعف مؤسساتها الأمنية وغياب آليات فعالة لحماية المهاجرين من الاستغلال والعنف.










